أنهى حياته كما ينبغي

لقد قرر ان ينهي حياته , ان يتخلص منها و للابد ,فلقد سام كل ما مر في حياته , كل ما فعله مع الناس وكل ما فعله الناس معه ,لذا فلقد اتخذ قرارا نهائيا ان يتخلص من حياته السابقة بكل ما فيها ز كل من فيها .
استيقظ في الصباح يملاه شعور بالحماس و النشوة فلقد اعطاه قراره احساسا لطالما افتقده من قبل
احساسا ادخل في عقله قناعة شديدة ان لا مستحيل

كان هناك العديد من الامور التي تم حسمها تلقائيا باتخاذه هذا القرار و إلى الأبد , كان من نتيجة ذلك ان قضى يومه يدور على كل من عرفهم من بشر جيدهم و سيئهم, يطلب منهم ان يسامحوه , ان يغفروا له ما قد يكون صدر منه في حقهم وان يتذكروه فقط بعد رحيله بيطيبته وحبه لهم .

لنرجع معه قليلا بالزمن أو قل لاسبوع واحد فقط نجده في بلد اخر بعيد جدا عن بلده , يتجول في طرقات هذا البلد , يسال على بيت صغير ,عندما وجد ضالته ,اكتشف انه قريب جدا من شاطئ النهر, تمشى قليلا على الشاطئ وعندما استدار واجهه شئ اقنعه تماما بان هذا هو افضل مكان لتنفيذ القرار.
نرجع معه سويا لبلده وبعد انقضاء معظم نهاره في الوداع رجع الى بيته دخل غرفته و ظل قليلا يتامل في جدرانها ,تلك الجدران التي كانت الشاهد الاول على نزواته واخطاءه ,بعدما ودع تلك الجدران اتجه لجهاز الكمبيوتر خاصته ومحى كل ما يحتويه , محى كل تلك المهازل التى قضى الليالي الطوال يجمعها ليشاهدها مع رفقة السوء الذين طالما جمعتهم تلك الغرفة
بدا في جمع ملابسه ثم احس فجاه ان كل تلك الملابس بتنوعاتها واسعارها الباهظة وزخارفها لن تكون ذات نفع له بعد تنفيذ ذلك القرار.

قد يرى البعض في غرفته في قراره كفرا بالحياة كما نفهمها الان و لكن ما ينفي ذلك عندما نراه يدخل ليغتسل فهو يعلم في قرارة نفسه ان النتيجة النهائية لقراره هي لقيا ربه وهو مازال مؤمن بان على المرء ان يلقى ربه على طهارة برغم كل شئ

نزل بيته , ودع جيرانه الذين طالما تعذبوا بافعاله وضوضاءه , ودعهم الوداع الاخير .
اتخذ اول قطار لتلك البلدة البعيدة , وفي جلسته وحيدا في عربة القطار المظلمة و مع اهتزازات القطار احس ان خطاياه تتساقط وان حياته بأثرها تودعه وان القطار يسحبه منها ويسحبها منه

وصل لبيته الجديد ليستريح قليلا ثم نزل لتنفيذ قراره و مع كل خطوه كانت تظهر له تفاهة حياته الزائلة ومدى رخصها في نظره
وصل لضفة النهر ونظر ليرى سطحه يتلألأ في الظلام بصفاء لم يرى مثله ,احس بان هذا الصفاء سينفذ الى داخله
ليغسل حياته الماضية بكل ما فيها.
اعطى ظهره للنهر وعبر الشارع ثم دلف الى المسجد الذي راه في زيارته الاولى ...توضا ثم صلى ركعتين و في سجود الركعة الاخيرة احس بالنقاء يملا قلبه فاتجه لربه قائلا:
يا رب ها أنا أنفذ قراري باللجوء اليك
يا رب إني أنهي أمامك حياتي السابقة بكل ما ملأها من معصية لك
يا رب يا من لا ملجأ و لا منجى منك إلا إاليك
لجأت إلى جلالك عبدا ذليلا خاضعا
هجرت حياتي بكل من فيها لأبدأ حياة جديدة أقضيها في بين عفوك و طاعتك
يا رب يا من تقبل توبة ادم حين عصاه
و أنجى يونس من خطاياه
تقبل توبتي يا رب و انجني من خطاياي فانت ارحم الراحمين

ختم صلاته و خرج من المسجد مشرق الوجه منشرح الصدر يستقبل حياته الجديدة بإحساس يملأه أنه ......
أنهىَ حياته كما ينبغي

Comments

Popular posts from this blog

يا منفي

الشيخ عبود بطل الحرب و السلام

اسكندرية،،، ليه؟!