عيادة الأسنان
النهارده أخيرا و بعد نقاش طويل مع حسام أفندي قررت إني لو اتأخرت عن كده في محاولة تصليح ما أفسده الزمن و الشيكولاته من أسناني مش هيفضل فيهم حاجة كمان سنتين .
المهم نزلت من المواصلات على عيادة الدكتور على طول ، فوجئت بطابور طويل واقف على سلم الدكتور من السيدات و مفيش راجل واحد يوحد ربنا و العيادة لسه مفتحتش الفترة المسائية، قررت استنى طبعا وشي في الأرض و مش عارف حتى ارفع وشي، جه الدكتور و بدأت المأساة:
"أنا اللي جيت الاول"
"لا انا"
"لأ أنا بعد الأستاذ مش كده يا أستاذ؟"
و الأستاذ -اللي هو أنا - مش عارف اي حاجة و اكيد مش فارق معاه مين اللي جه الاول، بعد انتهاء تلك المشادة النسائية سريعا ببعض التنازلات من جانبي و بعض الاستغلالية و انتهاز فرصة اني الولد الوحيد الموجود اتحدد سير الدور.
قعدت بقى اتفرج على الناس دي ، مستويات متباينة اجتماعيا و واضح ماديا أيضا، وأحيانا أخلاقيا،أكتر حاجة شدت انتباهي طفل صغير أول ما قعدنا في العيادة كان "بيشقلب" في العيادة وعمال يتنطط ، و بعدين أصبح سلوكه عدواني بعض الشئ مع مرور الوقت و كلما اقترب دور دخوله زاد عدوانية ثم .... انقلب فرخة يا معلم، ببص لقيت صاحبك ده ماسك في مامته وعمال يعيط و " أنا عاوز اروح ، انا هاسيبك واروح ، انا مش عاوز اخلع حاجة، انا اسناني سليمة "
كل العيادة قعدت تضحك على الانقلاب المفاجئ في تصرفاته ، إلا أنا ، وجدت في صورة الطفل و أمه ذكرى لن أنساها أبدا ، ذكرى طفل آخر لطالما أخذته أمه لطبيب الأسنان ، طفل تعود على وجود أمه إلى جانبه حين يخاف من الطبيب ،وطالما شاركها مثل هذا المشوار على مدار سنين طفولته العجيبة ، طفل بعد أن تعدى عمره الواحد وعشرين عاما ، إلا أنه لايزال يحتفظ بداخله برعب أزلي من طبيب الأسنان وكماشة الخلع ، طفل راودته أفكاره أكثر من مرة أن يعود أدراجه حتى لا يتعرض لخوفه الأعظم "حقنة البنج"
كنت أنا هذا الطفل و كنت الوحيد الذي دمعت عيناه لمرأى هذا الطفل الصغير يعيد أمامي مشهد لطفولة فقدتها وأم سأظل دوما افتقدها.
عليها و على موت المسلمين جميعا رحمة الله
Comments
Post a Comment